ان تاريخ الإنسانية حافل بحضارات استطاعت أن ترسخ مجدها عبر ألاف السنين، من بينها الحضارة المصرية التي تركت اثارا لا تزال الى يومنا هذا، محل أبحاث ومصدر اكتشافات قد تزيل الستار عن فصول غامضة فتغير مجرى الإنسانية، ولعل أبرز ما يثير فضول العلماء في الآونة الأخيرة هي فرضية وجود كتب مخفية تحت الأهرامات، والتي قد تحتوي في طياتها أسرار و معارف حضارات لم يوجد لها أي أثر، لأنها ببساطة… وجدت قبل العصر الجليدي. فهل هذه الفرضية حقيقة علمية أم مجرد أسطورة ؟
الأهرامات المصريّة قبور بنيت منذ 2700 سنة بدءاً من عصر الدولة القديمة وحتى نهاية العصر البلطميّ، وقد بدأ بناء الأهرامات في عصر الأسرة الحاكمة الثالثة وانتهى في عصر الأسرة السادسة (2686 -2325ق.م)، وقد اقتصر شكل ونمط الهرم قديماً على بُنية معزولة وجزء من مجمع معماريّ
التاريخ الرّسمي للأهرامات
ويعتبر أوّل من بدأ أوّل مشروع هرميّ هو فرعون خوفو قبل 2550 ق.م، ويعتبر هرمه الأكبر في الجيزة، وأبراجه ترتفع لحوالي 147م فوق الهضبة، وتقدّر كتلته الحجرية بنحو 2.3 مليون قطعة، ويبلغ وزن كلّ قطعة ما يقارب 2500-15000غم، ثمّ بنى فرعون خفرع ابن خوفو الهرم الثاني في الجيزة قبل حوالي 2520ق.م، وضمّت مقبرته تمثال أبي الهول، وهو نصب تذكاريّ من الحجر الجيري مع جسد أسد ورأس فرعون، ثمّ بنى منكاير الهرم الثالث، والذي يعتبر حجمه أصغر من سابقيه، حوالي سنة 2490ق.م، ويعتبر هيكلاً ومعبداً جنائزياً أكثر تعقيداً من غيره
يرجح أن سبب بناء الأهرامات في مصر من قبل الفراعنة هو لرمزيتها القوية بحيث تحمل معنى الخلود، فهي عبارة عن مقابر أثريّة من ممالك مصر القديمة وشيدت بسبب اعتقاد الفراعنة بالحياة الآخرة، فقاموا ببناء معابد للآلهة، ومقابر هرميّة ضخمة لأنفسهم مليئة بكلّ ما يمكن أن يحتاجه الحاكم، الا أن اكتشافات دقة تصميم وموقع هذه الصروح تدل على بلوغ مستوى معرفي جد متطور. ليس فقط في الهندسة والرياضيات وانما، علوم الفلك والفضاء
دقة التصميم
دقة ملاحظة بعض العلماء الشغوفين أدى الى اكتشافات لم تكن في الحسبان، فالأهرامات مثلا تحظى بتصميم هندسي استعملت فيه ثوابت أساسية في الرياضيات لم تكتشفها الحضارة الإنسانية الا بعد الآف السنين. فنجد علاقات الأبعاد التي شيدت بها الأهرام تتناسب في كثير من المرات، بالنسبة الذهبية وثابت الدائرة ، كما أن موقع الهرم الأكبر بالجيزة يدل، عبر أحرف قاعدته الأربعة، على الاتجاهات الأساسية على سطح الكرة الأرضية (بنسية خطأ قدرها 0,5 درجة فقط). إضافة الى أن تمثال أبو الهول موجه لكي يشهد ظاهرة فلكية دورية فريدة من نوعها، حيث تنتظم أربع كوكبات (الثور, الأسد, العقرب و الحوت) تظم النجوم الأكثر لمعانا في تشكيل محدد بارز من موقع التمثال، وهذا كل 26000 ألف سنة
فرضية الكتب المخفية
كل هذه المعطيات أفضت الى تساؤلات عما مدى أهمية كل هذه الدقة والمعايير الرياضية والفلكية في تشييد قبور رمزية لملوك فترة زمنية معينة من الحضارة الفرعونية، تفرعت الأبحاث وظهرت فرضيات جديدة عن فترة بناء الأهرامات، حيث يِؤكد البروفيسور روبيرت شوش، جيولوجي في جامعة بوسطن، أن تمثال أبو الهول يظهر آثار وتشوهات تثبت تعرضه لكميات هائلة من المياه، سواء كانت أنهار أو أمطار، لمدة زمنية طويلة. في حين أن علماء المناخ يؤكدون على جفاف تام للمنطقة منذ الذوبان الجليدي (أو ما يسمى بالطوفان العظيم) الذي يعود الى 10000 سنة قبل الميلاد، مما يؤدي الى استنتاجات ستغير تاريخ الإنسانية، بحيث أن اثبات صحة هذه الفرضية يؤدي الى الجزم بأن من شيد الأهرامات وتمثال أبو الهول ليسوا الفراعنة وانما، حضارة وجدت قبل العصر الجليدي، أي ما يقارب 20000 سنة قبل الميلاد
روبرت شوش لم يتوقف عند هذا الطرح، بل أجرى فحوصات على الطبقة الأرضية المحيطة بأبو الهول، وخلص الى وجود غرفة أسفل القدم الأيسر للتمثال، يرجح أنها تحتوي كتبا تحتفظ بالمكسبات المعرفية لتلك الحضارة قبل زوالها، ما يعزز هذا الطرح هو ما سرده الفيلسوف اليوناني أفلاطون حول زيارة القانوني الإغريقي سولون لمصر القديمة في سنة 540 قبل الميلاد، والمحادثة التي جمعته مع أشراف الفراعنة الذين أكدوا له أنهم يحوزون على أثار معرفية لحضارات ما قبل الطوفان في حين أن الأساطير الأغريقية لا تتحدث عن أي قصص قبل الطوفان العظيم, بل تتمحور كلها بعده